-A +A
حمود أبو طالب
في زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى باكستان والهند والصين ترددت كثيراً في وسائل الإعلام عبارة أن المسؤولين في تلك الدول «كسروا البروتوكول» الرسمي المعتاد في مراسم الاستقبال والاحتفاء والتوديع للأمير، وكذلك ترددت كلمة «أسطوري» لوصف الحفاوة به في الأماكن التي استقبلته للاجتماع بزعماء تلك الدول، هذه العبارات ليست معتادة في المراسم الرسمية للدول لأنها محكومة بضوابط صارمة غير مسموح تجاوزها إلا في الحالات الاستثنائية النادرة، فما الذي كان استثنائيا في زيارة ولي العهد حتى تتجاوز دول عريقة ضوابطها البرتوكولية.

هناك أسباب موضوعية جداً تبرر ما حدث، تتعلق بالمملكة التي يمثلها وأخرى تتعلق بشخصيته. ولي العهد يمثل أهم دولة عربية اقتصاديا ولديها مشروع مستقبلي يتطلب شراكات كبيرة مع الدول الأخرى المهمة في العالم، هو المشروع الذي تمثله رؤية 2030 التي تأكد العالم أنها ليست أحلاماً رومانسية بل مشروع عملي جاد قد بدأ بالفعل، ولفت أنظار القوى الاقتصادية الكبرى وجعلها تحرص على الشراكة فيه، كما أنها من أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم ولاعب رئيس في اقتصاده، وعلى الصعيد السياسي تقع المملكة في صدارة الدول الشرق الأوسطية تأثيراً في السياسات العالمية تجاه هذه المنطقة، كما أنها دولة تتميز بمصداقية عالية في التزامها بمعاهداتها واتفاقياتها واحترامها للمواثيق في علاقاتها مع الدول الأخرى، دولة تحترم الآخرين فلا بد أن تُحترم، ولهذا فإن كسر البروتوكول هو تعبير عن احترام لدولة محترمة حتى لو لم يكن الزائر هو ملكها.


أما السبب الآخر فلأن الزائر الذي يمثل قائد الدولة والوطن أثبت أنه يمتلك من الحكمة والذكاء والكاريزما والحضور الذهني والقدرة على طرح أفكاره قدراً كبيراً يؤهله لأن يكون نداً لزعماء سبقوه في الخبرة والممارسة السياسية وإدارة الأوطان، كما أنه يتوفر على لماحية وفصاحة وذكاء كبير في كلماته الرسمية وحواراته مع المسؤولين والإعلام، إضافة إلى مهارة عالية في كسب احترام شعوب الدول التي يزورها بلمسات إنسانية لا يجيدها سوى سياسي محنك. لذلك كان لا بد أن تكسر تلك الدول البروتوكول وهي ترى ولي عهد لكنه يتصرف تصرفات الزعماء الكبار والقادة المتميزين.

* كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com